النحل والدبور
عاشت النحلاتُ الصغيرات، عيشةً راضيةً هانئة، في خليّة جميلةٍ نظيفة
وفي كلّ يوم
يطرْنَ مع ضياء الصباح إلى الحقول والأزهار ينشدن فرحات
هيّا نعملْ هيّا نعملْ
طعمُ العملِ مثل العسل
لا.. لا نرضى فرداً يكسل
وتفرحُ الحقول وتطربُ الزهور ويبدأُ العمل
وتمضي كلّ نحلةٍ من زهرةٍ لزهرة
تطيرُ وتطير وتجمعُ الرحيق تعملُ تعملُ دون رقيب
وعندما تملأُ سلّتها تطيرُ إلى الخليّةِ حاملةً إليها الطعامَ الطيّبَ والرزقَ الحلال
وسرعانَ ما تعود خفيفةً نشيطة تبحثُ عن رزقٍ جديد هكذا تقضي النحلاتُ النهار
في ذهابٍ وإياب بين الخليةِ وبين الأزهار
وعندما يقبلُ الليل يلتئمُ شملُ النحلاتِ داخلَ الخليّة الحبيبة فيتسامرنَ
مسروراتٍ وينمنَ مبكّراتٍ يحلمْنَ بنشيد الصباح وارتيادِ الأزهار
وذاتَ يومٍ كئيب هاجمَ الدبّورُ خليّة النحلِ الجميلة
اعترضَتْ له النحلةُ الحارسة
وقالت: مَنْ دعاكَ إلى خليتنا دعاني هذا العسلُ الطيّبُ
العسلُ لمن يجنيهِ وليس للغريب
لن أكون غريباً بعد اليوم
كيف سأزورُ الخليّة كلّما جعْتُ
ولمَ لا تعملُ كما نعمل
لا أحبُّ العملَ ولن أعملَ أبداً ونحن لا نحبُّ الكسلَ ولن نقبلكَ أبداً
غضبَ الدبّورُ الكبير وانقضّ على النحلة الصغيرة فتركها جثةً هامدة ,
وقفتْ في وجهه نحلةٌ أخرى فبطش بها أيضاً وألحقها بأختها ثم أخذ يلتهمُ
العسلَ بشراهةٍ وجشع
وعادتْ نحلةٌ من الحقول ورأتْ ما يفعلهُ الدبور فثارت عليه غاضبة فقتلها قتلاً شنيعاً
غادر الفرحُ الخلية وغابَ نشيدُ الصباح وجعل الدبّورُ الظالمُ يزرعُ الخوفَ
وينهبُ العسلَ جاءتهُ النحلاتُ شاكياتٍ فلم يسمعْ لهنّ رجاء كشفنَ له عن أحزانهنّ فازداد
قلبهُ قسوة ذرفنَ أمامه الدموعَ، فضحكَ منهنّ ساخراً
قالت نحلةٌ ذكيّة:الدمعُ لا يجدي والحزنُ لا يفيد
وما العمل
نجتمعُ بالملكة ونبحثُ في الأمر
انتهزتِ النحلاتُ فرصةَ غياب الدبور واجتمعنَ بالملكة سراً وطلبْنَ
إليها رأيها في الخلاص من الدبّور
قالت الملكة:أحبُّ أنْ أسمعَ آراءَ الجميع قبلَ إعطاء رأيي
قالت نحلةٌ ضعيفة: الدبور أكبرُ منا جسماً وأكثرُ قوّةً
قالت أخرى: لن نرضى بالظلم وإنْ كنا صغيرات
قالت ثالثة: إنّ ما نكسبهُ بالجهدِ والشقاء، يغصبُهُ الدبّورُ بلا عناء
قالت نحلةٌ جريئة: لا بدّ من الثورة عليه
قالت نحلةٌ يائسة: لقد ثارت أخواتنا فأذاقهنّ الموت
نفدَ صبرُ الملكة فوقفتْ قائلة: لقد ثرنَ متفرقات ونحلةٌ منفردةً لا تصنع ثورة
أرشدينا إلى ما نعمل
يجب أنْ تثرْنَ جميعاً وفي وقتٍ واحد
قالت نحلةٌ كبيرة: هذا هو الرأيُ الصائب نتعاونُ في جمعِ العسلِ
ونتعاونُ في حمايته
فرحَتِ النحلاتُ بخطةِ الملكة وأجمعْنَ على تنفيذها
وعندما جاء الدبورُ وصار يلتهمُ العسلَ هجمتْ عليه النحلاتُ وأحطْنَ به من كلّ الجهات
نحلةٌ تلسعُهُ ونحلةٌ تضر بهُ ونحلةٌ تجذبُهُ حتى لفظ أنفاسه وفارقَ الحياة
جرّتهُ نحلاتُ النظافةِ وألقينَ به بعيداً وعادَ الفرحُ إلى الخلية
وابتهجتِ النحلاتُ بهذا الانتصار
واحتفلنَ بزوال الظلمِ والاستغلال ونمْنَ تلك الليلة مسروراتد
وفي الصباح الباكر طارتِ النحلاتُ مع الضياء إلى الحقول والأزهار ينشدنَ فرحات
هيّا نعمل هيّا نعملْ
طعمُ العملِ مثلُ العسلِ
لا.. لا نرضى فرداً يكسل
وااااااايد حلوة الفصة
اتمنى الاستمتاع